الأحرار: من أعطى الإسرائيلي عمليا الحق ببقاء احتلاله هو الفريق عينه الذي فاوضه
لن نكون من الشامتين…
أخطأ السيّد حسن نصرالله عندما قال إنّ 7 أيار 2008 هو يوم مجيد. ويخطئ خصوم حسن نصرالله عندما يقولون إنّ 23 شباط 2025 هو بدوره يوم مجيد. فلا 7 أيار يُشرّف أصحابه ولا الشماتة بالموت تُشرّف الشامتين.
اليومان بكلّ تفاصيلهما هما محطّة للحزن والتأمّل والتفكّر لكلّ عاقل نجيب. في 7 أيار 2008 شيّعت بيروت ثلّة من شبابها الذين قُتلوا ظلماً وعدواناً، عندما غزا المسلّحون شوارعها وانتهكوا حُرمات منازلها وأشعلوا النيران بمؤسّساتها. و23 شباط 2025 هو يوم حزين لجزء كبير من اللبنانيين، سيدفنون فيه رمزهم وأحلامهم ومن اعتاد أن يعدهم بالنصر دائماً وأبداً حتى يوم الدين.
لا شماتة في القهر، ولا شماتة في الموت الذي ذُكر في القرآن أكثر من سبعين مرّة، وفي إحداها قال لنا ربّ العالمين وهو خير القائلين: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ (سورة الأنبياء، الآية 35).
عندما يُخطئ “الحزب”
يخطئ “الحزب” وجمهوره عندما يعمّم أنّ ما بعد الجنازة ليس كما قبلها، وأنّ على اللبنانيين أن ينتظروا ويراقبوا ما سيكون في هذا اليوم، وما سيليه من قرارات وأحداث لا يعلم بها إلّا ربّ العالمين.
ستُلتقط الصورة يوم الأحد لجموع المحتشدين. سيملأون المقاعد والشوارع مكلومين ومودّعين. لكن سينتهي هذا النهار ليعود كلّ منّا إلى منزله وعمله وآلامه وأوجاعه وذكرياته. سنعود جميعاً، سواء الفَرِح والحزين، إلى وقائعنا وأزماتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى منازلنا المهدّمة وقرانا البائدة مهما حاولنا أن نزيّن تلك المآسي بمصطلحات وبدع، وآخرها رمزية فقد الأثر وضياع رفاة الأحباب واختلاط الأشلاء بالتراب والطين.
سنعود جميعاً إلى وقائع مرّة، أهمّها أنّ هذا البلد كي يعود بلداً يحتاج منّا إلى العمل الكثير.
يحاول الناجون من “الحزب” أن يلملموا أشلاء من بقي وما بقي من رصيد سياسي دفعوا من أجله الكثير الكثير. يحتشدون خلف نعش “السيّد” ينادون باسمه موجّهين رسائل باتّجاهين، الداخل والخارج، وكلّهم أمل أن يُنصت لهم في هذا اليوم الحزين:
1- إلى الداخل يقولون إنّنا نحن هنا قوّة شعبية قادرة أن تنجز المستحيل، حاضرة في الساحات، وفي صناديق الانتخابات والموعد بعد سنة وبضعة أشهر خلف لوائح من المرشّحين.
2- إلى الخارج ورسالتهم تقول إنّه لا يمكن تجاوزنا أو اختزالنا، فهذا البلد نحن منه وهو منّا، فتمهّلوا علينا ولا تسقطونا من حساباتكم في السياسة والانتخابات. إعادة بناء الوطن من دوننا لن تكون.
الجالسون خلف الشّاشات
أمّا الجالسون خلف الشاشات يراقبون ما يحصل، فهم مخطئون إن ظنّوا أنّ بالمشاهدة فقط يحصل التغيير. لا طائل من السجال ومن الإشكالات بالأعلام وعلى وسائل التواصل، موعد الفصل هو في حزيران 2026. موعد الفصل في هذا الوطن صندوق الانتخابات، وكلّ السجالات لا مكان لها بين أصوات الناخبين.
الذكيّ في هذا الوطن وفي هذا اليوم هو من ينأى بنفسه عن المناحرات ويتفرّغ للمعركة الانتخابية النيابية. لم يعد من مكان لمعارك السلاح والميليشيات وإطلاق الرصاص كلّ ساعة وحين.
وحدها صندوقة الاقتراع تضع الخطوط وترسم الأحجام وتحدّد من انتصر أو انهزم، ومن سيجلس إلى طاولة مجلس الوزراء ليحكم بالقانون والديمقراطية في الأزمنة المقبلة، التي كلّ الرجاء أن تحمل إلينا الأحلام الوردية والصيد الثمين.
ستنتهي أحزان يوم 23 شباط عندما يواري “الحزب” أمينه العامّ، كما انتهت أحزان 7 أيّار بعد حين.
كلّ شيء في الحياة يخلق صغيراً ثمّ يكبر، إلّا الحزن يولد كبيراً ويصغر رويداً رويداً حتّى يتحوّل إلى ذكرى فيها الكثير من الحنين.
نحن اللبنانيين كلّنا محكومون بالنهوض مجدّداً كما نحن محكومون بالتوافق مجدّداً. هذا الوطن صغير لدرجة أنّ العناق فيه اختناق والفراق فيه مستحيل.
اللبنانيون مطالبون بالتفكير في اليوم التالي، اليوم الذي لطالما كان في كلّ أزمات العالم أقرب إلى اليوم الثقيل. كلّ الحزانى والمكلومين من 2008 حتى 2025 محكومون بالعيش في اليوم التالي ومحكومون بمغادرة اليوم الحزين.
زياد عيتاي-أساس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|